المسألة الاقتصادية


قبل سبتمبر 2001 منذ تفكك الاتحاد السوفيتي وانتهاء المد الاشتراكي والحرب الباردة، تحولت المبارزة من الناحية السياسية التي أصبحت أحادية الجانب إلى سباق من نوع جديد للقرن الحادي والعشرين، بدأ التمهيد له بحقبة التسعينات، وما إن بدأ القرن الحادي والعشرين حتى حل السباق الاقتصادي محل المواجهات العسكرية، وتفاءل الجميع بهذا الإحلال؛ لأنه خطوة للأمام؛ فلن يُقتل أحد، ولن يتحتم تكريس موارد ضخمة لأنشطة سلبية، فالظافر فيها ينتج خيره منتجات العالم، ويتمتع بأعلى مستويات العالم المعيشية، والخاسر يمكنه أن يشتري بعضًا من هذه المنتجات المتقدمة.

وبالقياس إلى المواجهات العسكرية فيما مضى من القرون؛ فإن الظافرين والخاسرين يعتبرون ظافرين في المباراة الاقتصادية، فالتعرض لغزو عدواني من منتجات يابانية أو ألمانية أرضية جيدة الصنع من منشآت تهدف لاقتحام السوق الأمريكية أو الغربية لا يستوي مع التهديد بغزو عسكري من الصين أو روسيا مثلًا. «الصراع على القمة»، ليستر ثارو.

ولو عدنا إلى الوراء قليلًا؛ فإنه على الراجح أن أحدًا لم يتصور أو يعتقد بعد الحرب العالمية الثانية أن تصبح أي بلد، خاصة الخاسرة في الحرب في ثراء الولايات المتحدة، فما وضع بعدها من النظام والتجارب للجات - بريتون وودز، ومشروع مارشال والاتحاد والأوروبي للصلب والفحم قد نجح بأكثر مما كان يتصوره الكثيرون.

وفي مدى خمسة وأربعين عامًا كانت هناك بلدان عديدة في ثراء أمريكا نفسه، وهناك بعض البلدان من العالم الثالث توشك على الانتقال للعالم الأول، فها هي أوروبا تتجسد وتصبح عملتها واحدة، وتتحول الدول الاشتراكية واقتصادياتها إلى الرأسمالية وانتشار الديمقراطية في أوربا الشرقية، فأحلام (ترومان ومارشال ومنيه) تتحول الآن إلى حقائق واقعية. «المرجع السابق».

فالمنافسة تدور الآن بين كل دول العالم في التفوق في العمل على الإجابة عن الأسئلة التالية واقعيًّا وهي:

1) من يستطيع أن يضع أفضل المنتجات في العالم؟

2) من يرفع مستوى المعيشة بسرعة أكبر؟

3) من لديه قوة العمل الأفضل علمًا ومهارة في العالم؟

4) من يقود العالم في مجالات الاستثمار -المصانع والمعدات-، البحث والتطوير والبنية الأساسية؟

5) من أكثر تنظيمًا في العالم؟

6) من تتمتع مؤسساته -الحكم، والتعليم، والأعمال- بالصدارة العالمية من حيث الكفاءة. «المرجع السابق؟».

ومثلما كان سقوط برلين في نوفمبر 1989 نهاية للصراع السياسي بين الرأسمالية والشيوعية؛ فإن يناير 1993 بداية للصراع الاقتصادي في القرن الحادي والعشرين.

لقد ظلت المؤسسات الأمريكية معتادة على جعل منافسيها يبدون إلى جوارها كالأقزام، ولكنها مع بداية المنافسة الاقتصادية كانت هي الجانب الأصغر حجمًا والمقارنة التالية (رغم خداعها) تبين التالي:

- في عام 1970 كانت توجد في الولايات المتحدة 64 شركة من كبرى الشركات الصناعية المائة في العالم، وفي أوربا 26 شركة، وفي اليابان 6 شركات.

- أما في عام 1988 ففي الولايات المتحدة 42 شركة من الشركات الكبرى الصناعية المائة الأولى في العالم.

- وفي أوربا 33 شركة من الشركات الكبرى الصناعية المائة الأولى في العالم.

- وفي اليابان 15 شركة من الشركات الكبرى الصناعية المائة الأولى في العالم.

- في عام 1970 كان في الولايات المتحدة 19 بنكًا من البنوك الخمسين الكبرى في العالم.

- وكان في أوروبا 16 بنكًا من البنوك الخمسين الكبرى في العام.

- وكان في اليابان 11 بنكًا من البنوك الخمسين الكبرى في العالم.

- أما في عام 1988 فكان في أمريكا الشمالية 5 بنوك من البنوك الخمسين الكبرى في العالم.

- وفي أوربا كان 17 بنكًا من البنوك الخمسين الكبرى في العالم.

- وفي اليابان كان 24 بنكًا من البنوك الخمسين الكبرى في العالم.

- وفي عام 1990 ففي أمريكا بنك وحيد بين البنوك العشرين في القمة، أما في قطاع الخدمات، ففي اليابان 9 مؤسسات من ضمن العشر الكبرى، وفي قطاع الصناعات الكيماوية فالمؤسسات الكبرى الثلاث توجد جميعًا في ألمانيا.

كل ذلك يدل على أن التنافس الاقتصادي ليس في صالح الولايات المتحدة؛ فهي في تراجع مستمر مما احتاج لتدخل السياسة والعسكرية لإعادة التوازن للولايات المتحدة، وهذا ما حدث في الإدارة الأمريكية منذ حرب الكويت ثم حروب سبتمبر 2001 التي كان فيما أعقبها عملية جراحية أسفرت عن احتلال العراق وأفغانستان والتدخل في الشئون الداخلية لدول الشرق الأوسط لصالح الكيان الصهيوني، ولولا ذلك لتعرضت أمريكا لكساد كبير أشد وطأه من كساد الثلاثينات والثمانينات، ولكن التهمة في المرة الأولى للقاعدة بدون دليل.

فإذا سئلت اليابان والولايات المتحدة وألمانيا بتعداد تلك الصناعات التي تعتقد أنها ضرورية كي توفر لمواطنيها مستوى معيشة من الدرجة الأولى في النصف الأول من القرن الحادي والعشرين، فإنها سوف تقدم قائمة شبه متماثلة هي:

1) الإلكترونيات الدقيقة.

2) التكنولوجيا الإحيائية.

3) الصناعات الجديدة لعلوم المواد.

4) الاتصالات.

5) الطيران المدني.

6) الإنسان الآلي (الروبوتات).

7) ماكينات القطع والتشكيل.

8) الحاسبات الآلية (العقول الإلكترونية).

9) برامج الحاسب الآلي. «المرجع السابق».

 

في كل عام ينشر المنتدى الاقتصادي العالمي تقرير القدرة التنفاسية العالمية، يحاول فيه ترتيب القدرة التنافسية لمؤسسات الأعمال في البلدان المختلفة تقييمًا للإدارة في 23 بلدًا صناعيًّا من الأول للمرتبة الثالثة والعشرين. المنتدى الاقتصادي العالمي سنة 1990م.

أ) جوده المنتجات:

1- اليابان.         3- ألمانيا.            12- أمريكا.

ب) خدمة ما بعد البيع:

 

1- اليابان.         2- ألمانيا.            3- أمريكا.

ج) التسليم في الوقت المحدد:

1- اليابان.         2- ألمانيا.            1- أمريكا.

د) كمية ونوعية التدريب أثناء العمل:

1- اليابان.         2- ألمانيا.            11- أمريكا.

هـ) التوجه المستقبلي للمؤسسات:

1- اليابان.         2- ألمانيا.            22- أمريكا.         23-المجر.

واختتم تلك البيانات الإحصائية بهذه الرسالة الفكرية لمفكرينا وعلمائنا وباحثينا عن قمة التفكير، وهي الجامعات:

فمن بين الـ100 جامعة الأولى على العالم لا توجد جامعة عربية، ولا من الـ500 جامعة الأولى جامعة واحدة عربية، وتوزيعهم كالتالي:

الولايات المتحدة (168)، بريطانيا (40)، ألمانيا (40)، اليابان (34)، كندا (23)، إيطاليا (23)، فرنسا (21)، استراليا (14)، هولندا (12)، السويد (11)، سويسرا (8)، إسرائيل (7)، بلجيكا (7)، النمسا (6)، الدنمارك (5)، فنلندا (5)، النرويج (4)، روسيا(2). العربي الكويتية، العدد 587، أكتوبر 2007م.

 

4104


كلمات دليلية: