تأثير عوامل البيئة التسويقية الكلية على المتبرع والمنظمات الخيرية


البيئة الكلية: هي البيئة المباشرة للمجتمع كله، ويجب على المنظمة أن تستجيب وتتكيف معها، أما التأثير فيها فلا يتم إلا بعد أن تكون المنظمة من القوة بمكان، وهي تتفاعل مع البيئة الجزئية في تكوين إطار البيئة العامة للمنظمة، كما أنها تحيط بالمنظمة وبيئتها الجزئية، ويمكن دراسة تأثيراتها من خلال دراسة عواملها وقواها، وهي:
1- عوامل الدولة والقوى السياسية.
2- العوامل الاجتماعية.
3- العوامل الدينية.
4- العوامل الاقتصادية.
5- العوامل الديموغرافية والطبيعية.
6- العوامل التقنية.
7- العوامل الثقافية.     
8- العوامل القانونية.
9- عوامل العولمة.
ونسلط الضوء على شيء من تأثير كل منها:
( أ ) تأثير الدولة والقوى السياسية:
التي توجد فيها المنظمة ، فالمنظمة ضيف على سياسات ونظم الحكومة وتتأثر كثيراً بالمضيف، فطبيعة العمليات التسويقية يتداخل مع تلك القوانين والتشريعات والتعليمات التي تبررها الجهات الرسمية ذات العلاقة، وتشمل هذه القوانين والتشريعات ما يلي:
1- الأنظمة والقوانين التي تقود البلاد وتسيرها بصفة عامة وتقود العمل الخيري وتسيره بصفة خاصة:
حيث لكل دولة من الدول مرجع ترجع إليه المنظمات الخيرية فيها، ففي بعض الدول ترجع المنظمات الخيرية لوزارة العمل والتأمينات الاجتماعية وفي بعضها ترجع لوزارة الشؤون الإسلامية أو لوزارة الثقافة أو غيرها، بل في بعض الدول تجد أن جزء من المنظمات ترجع إلى وزارة وجزء للوزارة الأخرى، مما يعني اختلاف الأنظمة التي تتعامل معها المنظمات الخيرية، وهذا بدوره ينعكس على آداء المنظمات الخيرية.
والأعجب من ذلك أنه في كثير من الدول لا يوجد نظام واضح يرجع إليه، وإنما العلاقات الشخصية أو الحزبية أو القبلية أو المزاجية ، أو غير ذلك وفي ضوء ذلك تحدد قوانين ضبط عملها.
و نتج عن ذلك أن أصبحت الخيارات في القرارات في المسؤولين في المنظمات الخيرية تنحصر في أمرين: إما تقوية العلاقات مع السلطة ولها أن تفعل ما تشاء، أو التضييق والتحجيم أو على الأقل عدم القدرة على الحركة المدروسة لعدم وجود نظام واضح.
2- الوضع السياسي للدولة وطريقة الحكم فيه:
طريقة الحكم في أي بلد تؤثر على أسلوب تفكير جميع الشعب أفراداً ومنظمات، وعلى طريقة تعاطي الشعب والمجتمع بكافة منظماته مع القضايا، إذ أنها تشكل موجه للعقل اللاواعي للأفراد وتشكل ثقافة المجتمع وترسم توجهات الشعب وطموحاته.
ومن هذه المنظمات السريعة القوية التأثر: المنظمات الخيرية التي تعبر عن الطرفين ؛الحكومة والشعب في آن واحد فهي فتحت بتصريح حكومي وتأخذ قوتها من الدعم الشعبي لها، مما يعني أنها تتأثر بالوضع السياسي وطريقة الحكم من جهة الدولة ومن جهة أثر ذلك على الشعب.
فتميل المنظمات الخيرية في الأنظمة الشوروية أو الديموقراطية إلى الإنفتاح على الناس والتعامل معهم بشفافية ووضوح ،والحرص على الوصول إلى أكبر شريحة ممكنة وأن تصبح موجهة للمجتمع بجميع شرائحة، بينما تميل المنظمات الخيرية في الدول الدكتاتورية إلى المركزية والسرية والإستهداف التسويقي والتلاعب في الحسابات من أجل تحقيق الأهداف التي تريدها إذا كانت الدولة الدكتاتورية تمنع ذلك.
مما ينتج عما سبق أن تحرص الدول الشوروية أو الديموقراطية على وضع قوانين أكثر صرامة في التعامل مع المنظمات الخيرية مما يضعف من قدرة المنظمات على تغير شيئ في الواقع السياسي أو التوجه الشعبي، كما ينتج أن تحرص الدول الإستبدادية أو الدكتاتورية على عدم وضع أنظمة أو وضع أنظمة غير ملائمة والسماح بالحركة بدون ضوابط، أو نظم تمنع حتى تستطيع أن تتبين شيئا من السرية وحتى تظهر بأنها لديها هامش من الحرية، وتترك لنفسها مساحة أن تغير أو تغلق المنظمة التي لا تتناسب مع توجهاتها.
وهذا ما ينعكس على قدرة المنظمة على تسويق مشاريعها في بيئة يمكن أن توجد أنظمة تقيدها، وأشد من التقييد أن يكون في بيئة تخشى في لحظة من قرار تعسفي بالإغلاق أو تغيير مجلس الإدارة أو أي قرار تخشى منه المنظمة.
3- القوى السياسية الأخرى ؛ طبيعتها وعلاقتها مع بعضها وعلاقة المنظمة بها.
الوضع السياسي وما يتضمن من صراعات ديموقراطية أو مواجهات إعلامية أو عسكرية له تأثيراته الواضحة على تسويق المشاريع الخيرية، حيث كلما زاد الصراع ودرجة قوته وحدته بين القوى السياسية زادت التجاذبات التسويقية خاصة بين المنظمات الخيرية التي يعبر كثير منها إما عن أفكار التوجه السياسي أو أفكار الشعب أو أفكار جزء منه.
وهذا ما يعني إما أن تعلن المنظمة إنتماءها لفئة سياسية معينة مما قد يبعد الطوائف السياسية الأخرى عن المنظمة، أو أنها تحرص على البعد عن التداخلات السياسية بين التيارات المختلفة مما يعني عمقا أقل داخل كل تيار أو تنحى المنظمة إلى تبادل الأدوار والتصريحات بما يرضي الجميع أو يرضي بعض الفئات، وتنحو غالبية المنظمات إلى خليط مما سبق بدون دراسة بل بارتجالية تسويقية صارخة.
ووجود هذه الصراعات السياسية يولد صراعات بين المنظمات الخيرية وتحالفات بينها تشابه إلى حد كبير اللعبة السياسية والثقافية والاقتصادية، فمن الممكن القول إن التفاوض أو المساومة هي عبارة عن تحكيم ضمني متسق مع قواعد المجتمع حيث يعمل كآليات لتعزيز العدالة.
كما قد تشكل هذه الصراعات صراعات داخلية في المنظمة الواحدة يضطرها إلى اختيار توجه تسويقي بإعلان الانضمام إلى تيار، أو بقاء الصراعات والتعديلات والمجاملات داخل المنظمة مما قد يؤهلها للانفجار أو المحاسبة من قبل السلطة.
(ب) التأثيرات الاجتماعية:
إذ غالباً ما تؤكد الحكومات أهمية المصلحة القومية للبلاد عند اتخاذ أي قرار خاص بالتسويق من منطلق المسؤولية الاجتماعية، لذلك ظهر نظام التسويق الاجتماعي الذي يتطلب تحقيق أهداف اجتماعية للتسويق ، والتعامل المناسب مع التركيبة الاجتماعية للمجتمع مهم، حيث إن اتجاهات المستهلكين (المتبرعين/المستفيدين) وأسلوب حياتهم من أكبر العوامل المؤثرة على التسويق ، ومن القضايا الجديرة بالدراسة في هذا الجانب ما يلي:
1- العادات والتقاليد والأعراف الاجتماعية:
فكثير من العادات الاجتماعية لها تأثير مباشر على التسويق مثل:
- تكوين الأسرة وعدد أفرادها.
- عادات الشراء الاجتماعية.
- عمل المرأة وخروجها من البيت.
- طريقة التعامل مع الأطفال.
- عادات الزواج.
- الخدم والسائقين وطريقة التعامل معهم.
2- الطبقات الاجتماعية:
ونشير بها إلى مكانة رب الأسرة وأفرادها في السلم الاجتماعي الطبقي للمجتمع، ولها تأثير مباشر في مجموعة من قضايا التسويق مثل:
- أصناف البضائع وتنوعها.
- أماكن الطبقات وتوزيعها الجغرافي.
- نسب الطبقات في المجتمع.
- العادات المختلفة لكل طبقة.
- الرغبات المختلفة لكل طبقة.
(ج) التأثيرات الدينية:
وهو من أكبر تأثيرات البيئة الكلية على المنظمات الخيرية، ويمكن دراسة تأثيره من خلال دراسة:
1- تأثير الاختيار الفقهي والعقدي للمنظمة:
ويمكن ملاحظة ذلك بدقة عند وجود مذاهب فقهيه أو عقدية مختلفة ومقدار السلم أو الحرب بين أفرادها، واختلاف توجهات كل مذهب، ويلاحظ ذلك مثلاً في:
- هل السلعة موجهة لأصحاب مذهب معين ؟
- هل تتفق المذاهب على ذلك ؟
- هل يخشى من تحول المنتج إلى معركة بين المذاهب ؟!!
- هل هناك سيطرة لمذهب معين ؟
- كيف يمكن كسب ولاء أصحاب المذاهب الأخرى ؟
2- قوة التدين وتأثر الجماهير بذلك:
ارتباط المنتج بالتدين يقوي أو يخفض تسويق أي منتج وهو من العوامل المؤثرة بقوة في تسويق المنتجات الخيرية، ويلاحظ ذلك في:
- المنتجات المرتبطة بالشعائر التعبدية.
- المنتجات المرتبطة بحروب تحركها الدوافع الدينية.
- أماكن الصراعات وفتراته.
3- قوة المؤسسات الدينية في المجتمع:
سواءً كانت محلية أو إسلامية عالمية، وتفاعل المجتمع معها، ويظهر ذلك جلياً في:
- المجتمعات التي تكون مؤسساتها الدينية مدعومة من السلطة.
- المجتمعات التي مؤسساتها الدينية مترابطة وملتحمة وفاعلة في المجتمع.
- المجتمعات التي مؤسساتها الدينية تواجه ما تراه معاكسا لتوجهاتها ومدعومة من الشعب أو السلطة.
(د) التأثيرات الاقتصادية:
فوجود المنظمات الخيرية يعتمد على وجود السوق الذي بدوره يعتمد على المتبرعين والمتطوعين وقوة التبرع والتطوع لديهم ولا بد للعاملين في التسويق من أن يدرسوا ويحللوا المتغيرات الاقتصادية المختلفة، مثل:
1- تأثير الأوضاع الاقتصادية التي تعيش فيها المنظمة من فقر وغنى وما شابه ذلك، ونعني به التغير في الدخل الحقيقي ، وهذا ما يستدعي مراعاة عدة اعتبارات وملاحظتها، مثل:
- التضخم الذي تمر به البلد.
- توزيع دخل الأسرة على المنتجات أو ما يسمى بالتوزيع النسبي للمنتجات من دخل الأسرة.
- التوزيع النسبي للدخل الحقيقي للأفراد.
2- تأثير التقلبات الاقتصادية الديناميكية التي يمر بها المجتمع مثل التغيرات الحقيقية في دخل الدولة والمجتمع وأفراده، فأي مجتمع يمر بـ:
الدورات والمراحل التجارية مثل الرواج والكساد.
تأثر المستهلكين بالإمساك في الإنفاق أو الإكثار منه.
2- تأثير التغيرات الاقتصادية الطارئة التي يمر بها المجتمع مثل تغير الدخل أو الإنفاق للمجتمع من زمن لآخر خلال السنة.
(هـ) التأثيرات الديموغرافية والطبيعية:
ونعني بالديموغرافية مجموعة المتغيرات السكانية التي تؤثر بشكل واضح على استراتيجية التسويق، ونعني بالطبيعية الأمور التي تحدث في المجتمع الذي يتم فيه التسويق ، وتؤثر على عملية التسويق مثل الفيضانات والكوارث، وتحت هذا البند يمكن دراسة:
1- التوزيع السكاني:
ويعني أهمية تحديد نسب تواجد كل فئة مستهدفة في الأماكن التي يمكن أن تعمل فيها المنظمة، مثل:
- أماكن المستفيدين من كل نشاط ونسبهم.
- أماكن المتبرعين لكل نشاط ونسبهم.
- أماكن المتطوعين لكل نشاط ونسبهم.
2- توزيع الأعمار والأجناس:
ونسب ذلك في المنطقة التي تعمل فيها مما يعني الاهتمام بجميع الفئات، وإعطاء كل فئة النسبة التي تتناسب مع نسبة وجودها وتفاعلها والاستفادة منها، فالمنطقة الوسطى في المملكة العربية السعودية على سبيل المثال أكثر ترابطاً عرقياً من المناطق الغربية والشرقية مما يعني عدم قبول غير أهل المنطقة بسهولة في التسويق.
3- توزيع الدخل:
من أجل تحديد المشاريع المناسبة لكل فئة دخل.
4- الكوارث والنوازل التي تغير في تركيبة المجتمع.
5- طبيعة جغرافية البلاد التي تؤثر على حياتهم.
(و) التأثيرات التقنية:
               لا شك أن التقدم التقني أو التكنولوجي له بالغ الأثر على تسريع الأعمال وتحسين أدائها، فلقد تحقق أغلب التقدم الإنساني، لأن شخصاً ما اخترع أداة أفضل وأعلى كفاءة فالأدوات المادية تسرع العمل وتنقذ الناس من الجهد البدني الشاق، ولا أراني بحاجة إلى أن أؤكد أننا بصدد ثورة تكنولوجية عارمة، وأنها ستحدث تغيرات حادة بمعدلات متسارعة لم يشهدها المجتمع الإنساني من قبل ، وعلى جميع المستويات ، كما أن التأثيرات التقنية لا تقتصر على تقنية الإنتاج بل تتعداها إلى تقنية الإدارة والأمور المالية والتسويقية، إن الزمن يسعى على إيقاع ثابت لا يتغير، فالزمن والتقدم توأمان لا ينفصمان، فمنذ أول حجر ناري حتى الكمبيوترات المصغرة في يومنا هذا ونحن لا نزال على الحافة الماضية للتقدم التكنولوجي الذي لعب دوراً مهماً في تحديد ملامح الجنس البشري وخصائص عصره، فعالمنا تعاد صياغته، وهذا ما يوجب علينا دراسة هذه التأثيرات في المنظمات الخيرية من خلال:
- دراسة استخدام التقنية في العمل الخيري.
- التقنية وتأثيرها على مستقبل المؤسسات الخيرية.
              ولقد خطت بعض المؤسسات الخيرية في الرياض خطوات لا بأس بها - وإن كانت أقل من الطموح - حيث قامت بعمل التالي:
- وضع قواعد بيانات الكترونية للمتبرعين ولمراسلاتهم ومتابعة تبرعاتهم.
- وضع قواعد بيانات للمستفيدين، وتقسيماتهم على المدن باستخدام أنظمة  الجغرافية.
- وضع قواعد بيانات للوسطاء والتعامل معهم.
- فتح التبرع عن طريق أجهزة الصراف الآلي التابعة للبنوك والمنتشرة في كل حي من أحياء مدينة الرياض.
أما دراسة آثار التقنية على المؤسسات الخيرية فيتوقع أن يؤثر في عدة مجالات، منها:
- أن تصبح هناك منظمات خيرية إلكترونية على غرار البنوك الإلكترونية أو الجامعات الافتراضية الإلكترونية المنتشرة الآن على صفحات الإنترنت.
- أن يتحول جزء كبير من التبرعات المباشرة إلى التبرعات الإلكترونية سواء أكان ذلك عن طريق الشبكة العالمية أم عن طريق منافذ البيع وأجهزة الصراف المختلفة.
- أن يقل تأثير العاملين التنفيذيين في المنظمات الخيرية، إذ ستحل التقنية محلهم.
(ز) التأثيرات الثقافية:
              وسنركز هنا على الثقافة العامة للمجتمع التي هي جزء من البيئة الكلية، لا على ثقافة المنظمة الداخلية التي هي جزء من المنظمة وطبيعتها، وجزء من البيئة الجزئية وإلتي سبق الكلام عليها، وإن كان التأثر والتأثير بينهما كبير جداً.
              ونحن لا نعني بالثقافة العامة المعارف والخبرات العامة فحسب، بل نعني قبل ذلك المفردات التي تشكل البنية العميقة لكل ذلك، وهي مفردات رمزية أكثر من أي شيء آخر، ولعل من أهم تلك المفردات الانتماءات العقدية والفكرية والأيديولوجية والوطنية، إلى جانب ترسيخ عدد من القيم الخلقية مثل الرحمة والعدل والإخاء والإيثار، بالإضافة إلى عدد من المبادئ والأحكام العقلية مثل الانصاف والموضوعية واعتماد التجريب وفهم كنه القصور الذاتي....
              ولئن كان جرى العرف إذا ما أريد الحديث عن الثقافة أن تقتصر مشكلتها في ذهن القارئ على قضية الأفكار، ولكن الثقافة لا تضم في مفهومها الأفكار فحسب ،وإنما تضم أشياء أعم من ذلك كثيراً، مثل أسلوب الحياة والسلوك الاجتماعي الذي يطبع تصرفات الفرد في ذلك المجتمع، فتنظيم المجتمع وحياته وحركته بل فوضاه وخموده وركوده، كل هذه الأمور ذات علاقة وظيفية بنظام الأفكار المنتشرة في ذلك المجتمع ، فإذا ما تغير هذا النظام بطريقة أو بأخرى فإن جميع الخصائص الاجتماعية الأخرى تتعدل في نفس الاتجاه.
              فالثقافة هي: ذلك النسيج المعقد من المبادئ والأفكار والنظم والآداب والأخلاق والعادات والتقاليد وما يشكل خلفية تاريخية لكل ذلك.
              فالذي يتأمل في خلفياتنا الثقافية والعوامل غير المرئية التي تشكل البنية الأعمق لتصوراتنا وسلوكنا، سيجد أن هناك تشابكاً ضخماً بين عدد لا يحصى من المعطيات المكانية والزمانية، وأشكال التلاقي الأممي على الصعد المختلفة.
وتتميز ثقافة أي مجتمع بخصائص رئيسية:
- يكتسب الأفراد الثقافة من خلال تعلمها.
- تتوارث الأجيال المتعاقبة الثقافة من خلال عدد من المؤسسات الاجتماعية.
- تتميز الثقافة بالثبات والإستمرار، ولكنها تتغير في الأجل الطويل.
- تحظى قواعد السلوك بالقبول العام في المجتمع.
              - وتلبي الثقافة حاجات الأفراد داخل المجتمع الذي يعيشون فيه، ذلك أنها تعمل على تشكيل المضامين وأشكال مواقف الأفراد نحو الأشياء، أو السلع و الخدمات ، وبالتالي يلعب التسويق دوراً كبيراً في التعبير عن قيم المجتمع تعبيراً أميناً، ويتضح تأثير الثقافة في النواحي التسويقية من خلال:
- تحديد هيكل التبرع وفلسفة المجتمع في التبرع.
- نوعية المنتجات الخيرية المسموح بتسويقها في المجتمع.
- تحديد الأسباب التي من أجلها يتبرع المتبرعون.
- التأثير في قرار التبرع.
- صياغة أساليب الاتصال بين أفراد المجتمع.
              تسويقياً يتحتم على المنظمات الخيرية تقديم برامج وخدمات مقبولة تتفق ورغبات أفراد المجتمع وفق المضمون الثقافي الذي يعيشون فيه، كما يتحتم على رجال التسويق مراقبة ومتابعة وتحليل القيم والعادات والثقافات الأكثر تأثيراً في التبرع الخيري، وتفيد هذه القضايا مدير التسويق في تفهم جوانب مهمة من سلوك التبرع، وبالتالي يستطيع أن يحدد المزيج التسويقي المناسب حسب قيم المجتمع الحضارية.
(ح) تأثيرات العولمة:
لا شك أن العالم اليوم أصبح يتجه نحو زيادة درجة الارتباط المتبادل بين المجتمعات الإنسانية من خلال عمليات انتقال السلع ورؤوس الأموال، وتقنيات الإنتاج والأشخاص والمعلومات أو كما يعبر بعضهم " جيران في عالم واحد " فقد عزز إلغاء القيود التنظيمية والتفاعل مع التغيرات التقنية المتسارعة التحرك نحو سوق عالمية متكاملة، هذه الأمور ستكون لها آثارها على المنظمات الخيرية ،كما ستؤثر على جميع مؤسسات المجتمع، ويمكن دراسة هذه الآثار عن طريق تأمل أثر الأمور التالية:
- المنظمات الدولية الاقتصادية وتأثيرها على المنظمات الخيرية.
- المنظمات الدولية السياسية وتأثيرها على المنظمات الخيرية.
- المنظمات الدولية الإنسانية والاجتماعية وتأثيرها على المنظمات الخيرية
- التقدم الذي يتم في تقنيات الاتصال العالمي وتأثير ذلك على المنظمات الخيرية.
- الانفتاح وآثاره على العمل الخيري.
وهذا يعني أن المنظمات الخيرية ستعمل عن بعد، ومن أي مكان في العالم في أي مكان تريد، كما أن تمويل هذه المنظمات سيقع على عاتق المنظمات الاقتصادية الكبرى ؛كصندوق النقد الدولي وبقرار من المنظمات السياسية الكبرى ، وتسهيلات ودعم من المنظمات الدولية الإنسانية والاجتماعية، وبآليات وتقنيات اتصال متقدمة تصل إلى أي مكان يُراد الوصول إليه، وإجبار الدول على الرضوخ لهذا الضغط ولو بالقوة، وكل ذلك يتم تحت لافتة الانفتاح والحرية.
ففي ظل العولمة تصبح أمور الدولة شأناً تتقاسمه الحكومة مع المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية، وهل لنا أن نغفل المؤسسات المتعددة الجنسية التي تعمل عادة من وراء ستار، وأحياناً أخرى تضطر إلى أن تسفر عن دورها بصورة مباشرة.
وتحت الحديث عن تأثير العولمة تتشابك:
- العوامل الاقتصادية العالمية والشركات العابرة للقارات.
- العوامل السياسية العالمية والأحداث العالمية الكبرى والقوى السياسية الدولية.
- الرأي العام العالمي ويدخل فيه ما يُراد أن يفرضه الاعلام العالمي ووكالات الأنباء العالمية.
- مع مستوى الانفتاح في كل دولة وثقافتها ومكونات هذه الثقافة.
- الأنظمة القانونية للمنظمات الخيرية ومستوى الحرية التي تعطى لها.
(طـ) التأثيرات القانونية:
تستمد المنظمات الخيرية نظامها وترخيصها من البلد الذي توجد أو تعمل فيه، ولذا تتأثر قوانينها بالنظام السياسي والاجتماعي، كما تتأثر بالجهة التي تشرف عليها وتشرع لها قوانينها التي تضبط عملها، والمتتبع لقوانين المنظمات الخيرية يجد أنها كثيراً ما تنظم علاقة المنظمة الخيرية بالدولة مع تنظيمها علاقة المنظمة الخيرية بالمجتمع، كما أن الدول عادة ما تحرص على أن تزيد من الجرعات الرقابية خاصة على الأموال ومصادرها من أجل التأكد من عدم غسيل الأموال بسبب الضغوط التي تمارس على هذه الدول من الخارج والمنظمات العالمية.
ولأنظمة وقوانين الدول تأثيرات كثيرة على المنظمات الخيرية وميزانياتها وتبرعاته وغير ذلك، فمن ذلك:
- تؤثر طريقة حل المنظمة وشروطه على كثير من قرارات المنظمات الخيرية وصلاحياتها، خاصة إذا ما تعارض مع قضايا الأمن الداخلي أو القضايا السياسية الكبرى.
- طريقة إرتباط المنظمات الخيرية بمؤسسات المجتمع المدني الأخرى، فنوع العلاقة وطبيعة الإرتباط فرع من النظام السائد.
- الجهات المشرفة على المنظمات الخيرية، فربما كانت جهة واحدة مثل الشؤون الاجتماعية وأحياناً أكثر من جهة مثل وزارة الداخلية أو الإمارة والمحافظة أو وزارة الشؤون الإسلامية، مما يعطي حرية لمنظمة غير موجودة لدى منظمة أخرى، ويجعل إتصال المنظمات ببعضها البعض أصعب وأقل مرونة.
- أحياناً تتدخل الحكومات في وضع أعضاء إدارة المنظمات الخيرية ، ولا تكون هناك ديموقراطية في إختيار المنظمة لأعضائها ، ومثل هذا القرار وإن كان يعطي ضمانا للدولة أن المنظمة ستسير في سياساتها ، لكنه يفقد رجل الشارع الثقة في المنظمة؛ فالمتبرعون يميلون للمنظمات الأهلية أكثر من الحكومية أو شبه الحكومية.
- تحرص الحكومات على سن القوانين والتنظيمات التي توجه المنظمات والجمعيات الخيرية بأن تتوجه للمجالات التي تريدها الحكومة،وربما كانت لا تعبر عن نبض الشارع الذي تستشعره المنظمات الخيرية.
ومن هنا نؤكد أن كثيرا من تصرفات القائمين على المنظمات الخيرية بل وكثيرا من تصرفات المتبرعين ينبني على نظرتهم للقوانين التي توضع للمنظمات الخيرية، وهذا يلقي مسؤولية كبيرة على الجهات المشرفة على المنظمات الخيرية، لأن التشديدات تحول مبالغ التبرعات من التبرع للمنظمات الخيرية التي تحت الرقابة إلى التبرع الذي يصل إلى المستفيد مباشرة أو للمنظمات نفسها ولكن بطريقة غير مكشوفة.
49161