الجمع بين العالمين


إن الذين جمعوا بين هذين العالمين، واستطاعوا أن يردموا الهوة وينشئوا جسرًا للتواصل بينهما، وتمكنوا من اختراق تلك الشعرة الفاصلة بين الفكر والفعل، هؤلاء القادة هم أخطر الناس على وجه الأرض، هم قادة الدنيا ومحركو الفكر ومقيمو المشاريع.
هؤلاء هم الرواحل، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الناس كإبل مائة لا تكاد تجد فيها راحلة" [رواه البخاري] رواحل النصر ورواحل التمكين ورواحل الفكر ورواحل العمل، هؤلاء لم يكونوا كذلك لولا تميزهم بقدرات جعلتهم أئمة: }وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُون{ (السجدة: 24).
فهذا الكتاب لك أخي القارئ لتكون من هؤلاء، بل أنت منهم.
هذا الكتاب لتصبح من القادة الذين يجمعون بين عالمي الفكر والفعل.
هذا الكتاب لا يقدم لك وصفة سهلة تحقيق بها النصر، بل هو محاولة متواضعة لإعطائك أدوات التفكير التي تحتاجها لتحويل الأفكار إلى مشاريع، وتوضيح معالم الطريق الذي يوصلك لتحقيق نصرك بنفسك.
وهذا الكتاب يعني بإبراز التكامل بين النظرية والتطبيق.
إننا نبحث إذن عن ذلك الشخص الذي يمكن أن يجمع بين العالمين؛ ليقود أمتنا للرفعة ويقود مجتمعه وأسرته وبيته وأصدقاءه ومعارفه لما فيه صلاح دينهم ودنياهم، بأفكار قوية تحوَّل إلى مشاريع عظيمة.
يتضمن هذا الكتاب عدة محاور، تبدأ بتساؤل مهم يتعلق بأسباب ودوافع تحويل الأفكار إلى مشاريع، ثم يوضح مميزات عالم الفكر والأفكار، مقابل مميزات عالم المشاريع، ليوضح في ضوء ذلك فئة القادة، وهم أولئك الأشخاص القادرون على الجمع بين مميزات كل من الفريقين، والذين يقومون بتحويل أفكارهم النظرية إلى مشاريع في الواقع العملي.
كذلك يهتم الكتاب بتوضيح ماهية الفكرة، والإبداع، وطرق اصطياد الأفكار والأساليب التي تساعد على التفكير والإبداع، كما يوضح مراحل تحويل الأفكار إلى مشاريع، ثم يتطرق إلى بعض المهارات المطلوبة لتلك المهمة، مثل فن الإقناع، وفن التخطيط للمشاريع وغيرها.
ويتضمن الكتاب -كذلك- عدة ملاحق مهمة تتعلق بأدوات ونماذج تسهم في عملية تحويل الأفكار إلى مشاريع عبر مراحلها المختلفة.
وختامًا، فإن هذا الكتاب يعد خطوة أولى لمشروع يمتد لعدة أطروحات أخرى، تبحث في تفعيل الأفكار الإبداعية واستغلالها على النحو الأمثل؛ لتدعيم اقتصاد ورخاء وثقافة وفكر وأخلاق مجتمعاتنا وتنميتها، وتطرح رؤى مغايرة لاستخدام الفكر من أجل البناء، ثم البناء من أجل الاستمرار.
4439


كلمات دليلية: